الاثنين، 13 يونيو 2016

زنا المحارم.. علاجه في القرآن.. لا الأفلام

القرآن روح الأمة
حذر من الاقتراب وحدد ثلاث عورات:

زنا المحارم.. علاجه في القرآن.. لا الأفلام
كتب فتحي الصراوي 

هذه الآيات يغفل عنها الكثير من الأسر والبيوت المصرية.. بل يغفل عنها العديد من الآباء ويعرضون بيوتهم لخطر داهم لا يدركونه الا بعد فوات الآوان.. هذه الآيات تنص علي اتخاذ اجراءات وقائية تحذر من الاقتراب للجريمة قبل الوقوع في المحظور ولن ينفع الندم علي ما فات.
ولكن المشكلة ان الاستهتار بلغ منتهاه.. وان عدم اقتناع البعض بالاجراءات الاحترازية واعتبارها مبالغة غير مطلوبة يشعل في المجتمع حرائق من الصعب اطفاؤها بعد أن وقعت الفأس في الرأس وتم ضرب أخطر وأهم العلاقات الانسانية في الصميم.
والجرائم التي نتحدث عنها والتي عالجها القرآن منذ أكثر من ألف و400 سنة هي الانفلات الأسري الذي ينتج عنه أخطر الجرائم العصرية ويسمي "زنا المحارم".. فالآيات التي بين يديك اليوم عبارة عن اجراءات مهمة يجب علي كل بيت أن يتخذها لمنع الاقتراب من الجريمة التي أصبحت حديث مخرجي ومخرجات الأفلام الذين يتسابقون في تصوير واخراج أحداث يقولون انها تقع في المجتمع ويدعون أنهم يعالجونها عن طريق ما يبدعونه في التصوير والاخراج لابرازها تشكل خطراً مما يؤدي الي ترويجها لا علاجها.
العلاج الأنجح.. بل العلاج الوحيد ورد في سورة النور بهذه الآيات النورانية التي تخاطب المؤمنين ويتصدر فعلها يستأذنكم لام الأمر فتقول "ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم. والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة. ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم. ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم علي بعض. كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم.. واذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم".
سألت الدكتور محمود مزروعة أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر عن سبب نزول هذه الآية والأوامر التي تصدرها لكل رب أسرة لاصلاح البيوت والأسر والمجتمعات في ضوء الثوابت الاجتماعية التي ترسي مبادئها هذه العورة؟
أجاب.. لابد أن نوضح ان هذه الآيات جاءت عقب حديث عن وعد الله للمؤمنين بالتمكين في الأرض ان هم قاموا بتنفيذ ما أمر به الشرع الحكيم وساروا علي نهج الخالق الذي يعلم ما يصلح خلقه وهو اللطيف الخبير.
فالآيات قبل هذه الآية تقول "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعيدونني لا يشركون بي شيئا. ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" ثم تتحدث الآيات بعد ذلك عن فريضتي الصلاة والزكاة وطاعة الرسول لعل الله ينزل رحماته علي الأمة.. وتستطرد الآيات بعد ذلك لتنظم علاقة أهل البيت الواحد.. انها تنظم علاقة الأب بأبنائه وبناته والأم بأبنائها وبناتها.. بل انها تنظم العلاقة أيضا بين الخدم والاماء وبين أهل البيت.. تتحدثث الآيات عن ملك اليمين وهم العبيد وهؤلاء موجودون في بعض الدول غير انهم انقرضوا في معظم دول العالم.. ثم نتحدث عن الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم وهم الصبيان الذين عرفوا معني الجنس ولكنهم لم يصلوا لمرحلة البلوغ سواء اكانوا بنين أو بنات.. وهي تحدد ثلاثة أوقات وصفتها بأنها ثلاث عورات لخطورتها وأمرت بعدم دخول الصبيان أو الأبناء علي الكبار من أهل البيت وهم عادة الأب والأم قبل الاستئذان.. والأوقات الثلاثة التي حددتها الآية هي أوقات يتم فيها استبدال الثياب سواء اكان هذا استعدادا للنوم أو استيقاظا من النوم أو الاستعداد للقيلولة وهي كلها أوقات تكشف الثياب فيها من الانسان أكثر ما تستر. فاذا كان هذا خاصا بصبيان أو بنات لم يصلوا لمرحلة البلوغ فإن الآيات أمرت البالغين بعدم الدخول أو الطواف عليهم قبل الاستئذان في كل الأوقات فقالت: "واذا بلغ الأطفال منكم الحلم فلتستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم وفي كل مرة ينبه الي ان الله يوضح لهم الآيات لأنه عليم بخفايا النفوس حكيم في حكمه وأمره.
ان الآيات الحكيمة ترشد الجميع الي عدم الاستهتار فلا يصح للبنت بعد ان بلغت الحيض أن تري أباها مكشوفا ولا يجوز للأب أيضا بعد ان بلغت ابنته ان يراها مكشوفة.. وقد يري البعض ان هذه اجراءات فيها مبالغة غير ان الآيات تتدرج في الحكم فتمنع الذين لم يبلغوا الحلم من الدخول علي الكبار في أوقات معينة ثم تمنع البالغين من الدخول قبل الاستئذان في كل الأوقات.. وكثيرا ما يهتم التدرج في التشريع الالهي وكثيرا ما يتم تدريب الأطفال علي تنفيذ التكليف قبل البلوغ مثل "مروا أولادكم بالصلاة لسبع. واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" ومن الطبيعي اذا كان هذا يحدث بين الأبناء والآباء فمن الأولي أن يكون بين الاخوة لذا كانت نهاية الحديث السابق وفرقوا بينهم في المضاجع.. انه تدريس علي تنفيذ التكليف.
وسبب نزول الآية هي رواية ابن عباس ان النبي بعث غلاما من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو الي عمر بن الخطاب وقت الظهيرة يدعوه له فوجده نائما فدق الباب ودخل فاستيقظ عمر فانكشف منه شيء ثم قال وددت لو أن الله نهي أبناءنا ونساءنا وخدمنا ألا يدخلوا علينا في هذه الساعة الا باذن ثم انطلق الي رسول الله.. واذ بجبريل عليه السلام ينزل علي محمد صلي الله عليه وسلم بهذه الآيات.
وفي حديث عطاء بن يسار أن رسول الله صلي الله عليه وسلم سأله رجل يارسول أستأذن علي أمي؟.. قال نعم.. قال الرجل اني معها في البيت.. فقال الرسول استأذن عليها.. فقال الرجل اني خادمها قال الرسول مرة أخري استأذن عليها ثم سأله أتحب ان تراها عريانة.. قال لا.. قال فاستأذن عليها.
ان الاسلام حينما يصدر هذه الأوامر الواضحة فإنما ينظم حركة كل فرد في الأسرة وعلي رأسهم الزوج والزوجة ليمنع الاقتراب من الانفلات الأسري الذي يحدث اليوم رغم تحذير القرآن بآيات بينات منذ أكثر من ألف و400 عام.. انه نور علي نور ولكن الله يهدي لنوره من يشاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق