السبت، 7 مايو 2016

تستر النقيب وحظر النشر

المقال الذى صادرته جريدة الجمهورية اليوم السبت 7مايو2016
ومايسطرون



 بقلم:فتحى الصراوى


السؤال الذى يواجهه كافة الصحفيين الآن لماذا تسترتم على زميليكم المتهمين وقمتم بإخفائهما فى النقابة فإذا ماتم القبض عليهما إعتبرتم أنفسكم غير كل الناس وطالبتم بإقالة الوزير "ليه يعنى؟!..إنتو على راسكم ريشة".


وهذا خداع واضح وفبركة بل وإحتيال وتلاعب بعواطف الرأى العام أهدافه معروفة للجميع لإن جريمة التستر المراد توجيهها لنقيب الصحفيين لتخويفه وإرهابه حددت أركانها المادة 144من قانون العقوبات وهى كل من أخفى بنفسه او بواسطة غيره شخصا مطلوب القبض عليه أو متهما بجناية أو جنحة أو صادرا فى حقه أمر بالقبض عليه وكذا من أعانه بأى طريقة على الفرار من وجه العدالة مع علمه بذلك..وحددت المادة عقوبات مختلفة للجريمة تصل إلى السجن سبع سنوات .


ويلاحظ أن أول ركن من أركان الجريمة وهو الإخفاء غير متحقق على الإطلاق لإن لفظ أخفى وهو ضد اظهر مثلما أن لفظ أسر ضد اعلن اى ان الجانى تعمد إخفاء المتهم عن اعين الجميع حتى لا تستطيع أجهزة الأمن معرفة مكانه فإذا سألت النقابة عنه مثلا زعمت أنها لا تعرف عن المتهم شيئا وأنه غير موجود بحوزتها وهذا لم يحدث ..بل إن النقابة والنقيب بالتحديد ساعة أن إرتضى التواصل مع المسؤلين لتسليم المتهمين بطريقة قانونية فهو فى الحقيقة أرشد أجهزة الأمن عنهما وليس لجريمة التستر هنا اى محل أو مكان .


ومعروف أيضا أن القصد الجنائى لجريمة التستر هو تهريب المتهمين أو المساعدة على فرارهما من العدالة وهو الركن الثانى من الجريمة وهذا مالم يحدث أيضا .بل إن النقيب كان يتفاوض بشأنهما لتسليمهما للنيابة بشكل قانونى وهو مالم يعجب الداخلية التى تتجبر بأسلحتها وعتادها المدفوع ثمنه من ضرائب ودم الفقراء لحفظ الأمن وتنفيذ الأحكام وإقامة العدل بين الناس وليس لإرهاب الشعب وتهديد نقاباته المهنية والعمالية ..فأين جريمة التستر هنا المراد تلفيقها للنقيب؟ 


غير أنه لابد من الإعتراف بأن صمت الصحفيين او بمعنى أصح تسترهم على العديد من جرائم التلفيق الماضية دون تحليلها ومناقشتها قانونيا وسياسيا وكذلك جرائم التصفية دون قبض او تحقيق أو محاكمة ودون وازع من دين او قانون أو ضمير وهم المؤتمنون على الكلمة والحقيقة فى هذا البلد جعلهم يشربون من ذات الكأس التى إرتضوا ألايظهروا حقائقها للراى العام بشكل مهنى يرضى ضمائرهم عدا بعض ما نشر على إستحياء.


إضافة إلى ذلك فإنه ولأول مرة فى تاريخ الصحافة يتم إصدار عشرين قرارا من النائب العام لحظر النشر فى قضايا مختلفة فى سنتين فقط بما يعنى إخفاء حقائق هذه القضايا عن الرأى العام إستنادا إلى الحفاظ على الأمن القومى ودون إعتبار لحق الشعب القانونى والشرعى فى الحصول على المعلومات خاصة إذا كانت تتعلق بقضايا الفساد الإدارى والمالى وكبت الحريات والإعتداء على حقوق وكرامة الناس .


ومع الإحترام الكامل لهذه القرارات غير أنه عند رصدها تجدها تمس فى الحقيقة جهات أو شخصيات مهمة تولوا ملفات خطيرة تتعلق بأمن البلد وثروات الغلابة والفقراء وبينها تقرير الجهاز المركزى عن حجم الفساد والقاضى المتهم بالرشوة الجنسية بمدينة نصر وقضية الآثار المتهم فيها عدد من الضباط ومقتل النائب العام السابق هشام بركات وغيرها حتى إقتحام نقابة الصحفييين .


ومما يثير الغربة هو عدم إهتمام النيابة المدافعة عن الشعب بحظر النشر فى قضايا العرض والشرف للأسر الفقيرة رغم أن أخطاءهم كانت بسبب الفقرالمدقع أو المسكن غير الآدمى كالمقابر وهؤلاء تتسابق اجهزة الأمن لتسريب معلومات لفضحهم بل وتوزيع صورهم على الصحف بمجرد كشف الجريمة وقبل تحقيقات النيابة أو الإحالة إلى المحاكمة..فإذا ماحصل أحدهم على البراءة لا نسمع عنه شيئا ..فمن يعوض هؤلاء عن تدنيس شرفهم ؟ومن يدفع ثمن التهوين من شأن الرذيلة وإشاعة الفاحشة؟ ولماذا الحظر فى قضايا الكبار والحيتان والفضيحة فقط من نصيب الفقراء والكادحين؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق